المؤلف: د.ك.محمد طايل
يعتبر علم البيئة نقطة التقاء كل العلوم سواء الأسياسية منها أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو النفسية أو الإبداعية باعتباره العلم الذي يحمل خصائص التأثير على كافة الأنماط الحياتية والبشرية بكل مكوناتها. ولقد أعطت العلوم السياسية والاقتصادية والتنظيمية البيئة أولوية في الدراسة والبحث لبناء الاستراتجيات وإعداد الخطط كعنصر أساسي قد يؤدي إلى الفشل إذا لم يؤخذ في الاعتبار، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التطور والاكتشافات لتلك النظريات المتعلقة بالبيئة والمناخ والتلوث لتصبح بعد ذلك علوم أساسية كالجغرافيا السياسية وعلوم المناخ والبيئة…إلخ. رغم كل تلك الأهمية التي أولتها العلوم القديمة للبيئة والتعريف بأهميتها وتأثيرها إلا انه تم التعامل معها خلال القرون الأخيرة مثل نظريات يمكن تجاوزها في ظل ما حدث من طفرة هائلة ونمو متسارع للعلوم والتكنولوجيا. فقد عمد ما سمي بالنظام العالمي الجديد أو العولمة والسوق الحرة إلى ابتكار و تسويق تلك التطورات والاكتشافات المتلاحقة وفق أهداف تقوم على بسط النفوذ والسيطرة والربح فقط، غافلة تأثيرها السلبي على الحياة البشرية الأمر الذي أدى إلى مشكلة بيئية كبيرة نتج عنها الظواهر والمخاوف التي كثير ما نسمعها مؤخرا منها الاحتباس الحراري واتساع طبقة الأوزون والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل والازدياد المضطرد للتلوث البيئي…الخ . مؤخرا أدركت الأنظمة والحكومات على وجه التحديد الدول المتقدمة مدى الخطر القائم. فحسب الخبراء والمختصين تعد قضية التلوث البيئي من أهم قضايا العصر. ولعل آخر الدراسات توضح ذلك من خلال التحذير الذي أطلقة الباحثون بأن مستوى الذكاء عند ملايين البشر قد يتأثر بصورة سلبية نتيجة للتلوث البيئي و انتشار المواد السامة في الجو. و مع التقدم الصناعى بقفزاته المتلاحق زادت مشاكل تلوث البيئة فى مجملها من تلوث للهواء والماء و التربة وغير ذلك من صور التلوث والتى أصبحت مخاطرها واضحة. و يعتبر تلوث الهواء الجوي من أهم المشكلات التى يتعرض لها الإنسان على المستوى الإقليمى أو العالمي. و قد أخذت مشكلة تلوث الهواء الجوي مؤخرا قدرا كبيرا من الاهتمام بهدف دراسة مخاطرها على الكائنات الحية. وتعتبر مدينة الاسكندرية من المدن الصناعية الكبرى حيث أنها تحتوى على 40%-50% من الصناعة على مستوى جمهورية مصر العربية ، و تتنوع النشاطات الصناعية بالمدينة الى صناعات بترولية وبتروكيميائية و صناعات كيماوية و صناعة الحديد والصلب و صناعة الاسمنت و صناعة الاسمدة و صناعة الورق ……..الخ ، و تتعرض مدينة الاسكندرية للتلوث الجوي كنتيجة لهذه النشاطات الصناعية المتنوعة وكذلك أنشطة تشييد المبانى والعقارات بالاضافة الى الكثافة المرورية العالية ، و تعتبر العناصر الشحيحة مثل الكوبلت و الكروم و النحاس والحديد و الرصاص و الزنك و الماغنيسيوم و المنجنيز والنيكل ……. الخ أحد أهم الملوثات الهوائية الناتجة من النشاطات المختلفة و بالتالي تكون مستويات الملوثات عند أماكن التأثير ناتجة من عدة مصادر مختلفة. و تقدم الدراسة الحالية المعطيات المتوافرة عن تركير العناصر الثقيلة فى الجسيمات الكلية العالقة وبعض النباتات ( منها المحاصيل الحقلية وثمارالفاكهة وبعض النباتات طبية) والتربة التي تنمو فيها هذه النباتات .وتشمل الدراسة عمل تقيييم للمخاطر الصحية واثارها على الفئات العمرية المختلف بالإضافة الى مخاطر الاصابة بالسرطان . مواقع الرصد و تجميع العينات : تم تحديد ثلاث مناطق للرصد حيث أنها تمثل تغطية الأنشطة الموجودة بالمدينة وهى كالأتى: المنطقة الصناعية الأولى ( أبوقير) المنطقة السكنية ( ابيس) المنطقة الصناعية الثانية (العامرية) وتم تجميع عينات الجسيمات الكلية العالقة من الهواء الجوى مع فصول السنة, أما بالنسبة لعينات النباتات والتربة فتم تجميعها فى فصلى الشتاء والصيف . أدوات وأجهزة القياس: استخدم جهازالعينة الحجمية لتجميع عينات الجسيمات الكلية العالقة من الهواء الجوى وتم تجميع العينات على فلتر من واتمن ( الألياف الزجاجية ) نوع خلال 24 ساعة .وتم تجميع عينات النباتات من النباتات المزروعة والسائدة فى أماكن الرصد وتجفيفها وأيضا تم تجميع عينات التربة على عمق 15 سم اسفل النباتات وتم هضم جميع العينات باستخدام الأحماض لتحويل العينات الى سائل. وقد استخدم جهاز الإدمصاص الذرى لتحديد تركيز العناصر الثقيلة ( الكوبلت و الكروم و النحاس والحديد و الرصاص و الزنك و الماغنيسيوم و المنجنيز والنيكل) بالعينات .ولتقييم الأثر الصحى بالإضافة الى مخاطر الاصابة بالسرطان تم تطبيق بعض المعادلات الرياضية . النتائج : أوضحت النتائج التى تم الحصول عليها الأتى: 1- تركيز العناصر الثقيلة بالجسيمات الكلية العالقة من الهواء الجوى وتقييم الخاطر الصحية لها أعلى قيمه لتركيز الجسيمات الكلية العالقة من الهواء الجوى لمنطقة ابوقير كانت فى فصل الربيع ولمنطقة أبيس كانت أعلى قيمه فى فصل الشتاء وبالنسبة لمنطقة العامرية كانت أعلى قيمه للتركيز فى فصل الصيف . بمقارنة مستويات الجسيمات الكلية العالقة من الهواء الجوى في جميع المواقع مع قانون البيئة المصري رقم 4 لسنة 1994، المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 وقرار مجلس الوزراء رقم 1095 لسنة 2011 نجد أن التركيزات الخاصة بالجسيمات الكلية العالقة من الهواء الجوى أقل من حد القانون ( 210 ميكوجرام / متر مكعب) . وقد اوضح قياس العناصر الثقيلة فى عينات الجسيمات الكلية العالقة من الهواء الجوى ان عناصر الزنك والماغنسيوم والحديد كانت الأعلى تركيزُاً بينما عناصر النحاس و الرصاص والمنجنيز والكروم والنيكل والكوبلت الأقل تركيزا. وقد رتبت العناصر من الأعلى للأدني كالاتى : الزنك > الماغنسيوم > الحديد > النحاس > الرصاص > المنجنيز > الكروم > النيكل > الكوبلت. وبحساب الجرعة المزمنة من خلال التعرض اليومى و المخاطر الصحية (الخطر – مؤشر الخطر) بالإضافة الى مخاطر الاصابة بالسرطان للفئات العمرية المختلفة ( الرضع – اطفال صغار- اطفال – المراهقين – الكبار) من خلال مسارات التعرض ( الهضم – الجلد – الاستنشاق ). وقد وجد أن جميع القيم الخاصة بالجرعة المزمنة من خلال التعرض اليومى أقل من القيم المرجعية لكل عنصر ثقيل من خلال مسارات التعرض وأن قيم الخطر – مؤشر الخطر جميعها أقل من الواحد الصحيح وبالتالى الوضع الأمن للجميع و نجد أيضا أن التعرض من خلال الهضم أعلى من التعرض بالجلد والأقل هو التعرض من خلال الاستنشاق وبترتيب الفئات العمرية من الأعلى الى الأقل ثأثيرا هى كالأتى : اطفال صغار> اطفال > الكبار> المراهقين > الرضع ويتضح أيضا ترتيب المناطق من حيث التأثير على القاطنيين بها كالأتى : أبوقير> أبيس > العامرية . وبقياس مخاطر الإصابة بالسرطان نجد ان الاطفال الصغار الاكثر عرضه فى منطقة العامرية فى فصلى الربيع والشتاء وأيضا الاطفال الصغار الاكثر عرضه فى منطقة أبوقير فى فصلى الصيف والشتاء وتترتب المناطق من حيث الأعلى فى مخاطر الإصابة بالسرطان كالأتى :أبوقير> العامرية > أبيس وبترتيب الفئات العمرية من الأعلى الى الأقل ثأثيرا من حيث مخاطر الأصابة بالسرطان هى كالأتى : اطفال صغار( بمعدل إصابة متوقعة = 33.21) > اطفال (بمعدل إصابة متوقعة = 25,93) > الكبار( بمعدل إصابة متوقعة =17,57) > المراهقين ( بمعدل إصابة متوقعة =3,29) > الرضع ( بمعدل إصابة متوقعة = 2.60). 2- تركيز العناصر الثقيلة بالنباتات المزروعة بأماكن القياس وتقييم الخاطر الصحية لها النباتات المزروعة بأماكن القياس الفصل المواقع أبوقير أبيس العامرية الشتاء الحريق الفول الصفصاف البرسيم التوت القمح الصيف التين البرشومي الجوافة البرنوف الأرقطيون التين البرشومي الذرة وبقياس العناصر الثقيلة الموجودة بهذة النباتات فقد اتضح أن الكوبلت عنصر أساسى للنبات والقيم المقاسة فى الحدود الطبيعية (0,1-10 مللى جرام/كيلوجرام ) لجميع النباتات ولم يكتشف فى (الحريق – الفول – الصفصاف – التوت – القمح – تين العامرية) بالنسبة للكروم فهو عنصر غير اساسى وسام للنبات ولم يكشتف في النباتات وعنصر النحاس كان فى الحدود الطبيعية المسموح بها (0,006-18 مللى جرام/كيلوجرام ). عنصر الحديد أساسى لنمو النبات والقيم المقاسة أقل من (640-2480 مللى جرام/كيلوجرام ) للنباتات (الحريق – الفول – الصفصاف – البرسيم – التوت) وفى الحدود الطبيعية لباقى النباتات أما الرصاص فهو عنصر سام للنبات وكانت القيم المقاسة فى فصل الصيف أعلى من الحدود المسموح بها (3 جرام/كيلوجرام ) لجميع النباتات ولم يكتشف فى فصل الشتاء لجميع النباتات عدا نبات الفول وكانت جميع النباتات تحتوى على عنصر الزنك فى الحدود المسموح بها (1-160 مللى جرام/كيلوجرام) عدا الفول والتوت علما بأن الزنك عنصر أساسى للنمو . وقد اظهرت قياسات المغنيسيوم لجميع النباتات حدودا أعلى من المسموح بها (0,73-1,41 مللى جرام/كيلوجرام ) و المنجنيز عنصر أساسى للنمووهو فى الحدود المسموح بها (15-100 مللى جرام/كيلوجرام) عدا نبات البرسيم فقد كانت القيم المقاسة أقل من الطبيعى وعنصر الرصاص عنصر غير أساسى للنمو ولم يقاس فى فصل الصيف لجميع النباتات أما فى الشتاء فهو فى الحدود الطبيعية ( 0,1-3,7 مللى جرام/كيلوجرام) عدا نبات التوت كانت القيم المقاسة أعلى. وبحساب الجرعة المزمنة من خلال التعرض اليومى و المخاطر الصحية (الخطر – مؤشر الخطر) بالإضافة الى مخاطر الاصابة بالسرطان للفئات العمرية المختلفة ( اطفال – الكبار) من خلال مسارات التعرض ( الهضم ) فقد وجد انه بالنسبة للأطفال أن قيم الجرعات المزمنة من خلال التعرض اليومى كانت أقل من القيم المرجعية لكل العناصر ماعدا عنصر الحديد لنباتات التين بمنطقة أبوقير والأرقطيون والبرنوف) والرصاص لنباتات الفول والتين بمنطقة أبوقير والعامرية والجوافة والأرقطيون والبرنوف والذرة حيث كانت الجرعات أعلى من القيم المرجعية . بالنسبة للكبار فقد وجد أن قيم الجرعات المزمنة من خلال التعرض اليومى كانت أقل من القيم المرجعية لكل العناصر ماعدا الرصاص لنباتات الفول والتين بمنطقة أبوقير والعامرية والجوافة والأرقطيون والذرة . وقد اظهرت الدراسة ان قيم الخطر جميعها أقل من الواحد الصحيح وبالتالى الوضع الأمن للجميع ماعدا النباتات التى زادت فيها جرعات التعرض اليومى القيم الرجعية وبترتيب الفئات العمرية من الأعلى الى الأقل ثأثيرا هى كالأتى : اطفال > الكبار ويتضح أيضا ترتيب المناطق من حيث التأثير على القاطنيين بها كالأتى : أبوقير> أبيس > العامرية. وبالنسبة لقيم مؤشر الخطر فقد وجد أن القيم الآمنة كانت من 1-5 وقد اظهرت النتائج بالنسبة الأطفال أن قيم مؤشر الخطر أقل من 5 فى فصل الشتاء وأعلى من 5 فى فصل الصيف بالنسبة للكبارفكانت قيم مؤشر الخطر أقل من 5 فى فصل الشتاء وأعلى من 5 فى فصل الصيف ماعدا منطقة العامرية كانت القيمة أقل من 5.وبقياس مخاطر الإصابة بالسرطان نجد ان الاطفال الاكثر عرضه للتعرض لمخاطر الإصابة بالسرطان فى فصل الصيف عن الكبار وذلك بمعدل إصابة متوقعة للأطفال فى المليون 421,67 والكبار 280,88. 3- الخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة و معامل نقل المعادن وبقياس الخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة اتضح أن التربة لمناطق القياس كانت رملية وقاعدية .وبقياس معامل نقل المعادن للنباتات نجد أن القيم المقاسة أقل من 1 لجميع العناصر الثقيلة وهذا يعنى أن النباتات تمتص العناصر ولاتتركم بها عدا عنصر الرصاص لنباتات الفول والجوافة والبرنوف وتين العامرية وعنصر الزنك لنباتات التوت وتين العامرية وعنصر المغنيسيوم لنباتات الصفصاف وتين أبوقير فقد كانت القيم أكبر من 1. 4- تركيز العناصر الثقيلة بالتربة أسفل النباتات المزروعة بأماكن القياس وتقييم المخاطر الصحية لها وقد اوضحت قياس العناصر الثقيلة فى عينات التربة ان جميع العناصر المقاسة كانت فى الحدود الطبيعية المسموح بها عدا عنصر الكروم فكانت القيم المقاسة أقل لنباتات تين أبوقير والجوافة والأرقطيون . وبحساب الجرعة المزمنة من خلال التعرض اليومى و المخاطر الصحية (الخطر – مؤشر الخطر ) بالإضافة الى مخاطر الاصابة بالسرطان للفئات العمرية المختلفة ( الاطفال – الكبار) من خلال مسارات التعرض ( الهضم – الجلد – الاستنشاق ) للتربة فقد وجد أن جميع القيم الخاصة بالجرعة المزمنة من خلال التعرض اليومى أقل من القيم المرجعية لكل عنصر ثقيل من خلال مسارات التعرض . وقد وجد أن قيم الخطر جميعها أقل من الواحد الصحيح وبالتالى كان الوضع الأمن للجميع و نجد أيضا أن التعرض من خلال الهضم أعلى من التعرض بالجلد بالاستنشاق والأقل هو التعرض من خلال الجلد وبترتيب الفئات العمرية من الأعلى الى الأقل ثأثيرا هى كالأتى : الاطفال > الكبار ويتضح أيضا ترتيب المناطق من حيث التأثير على القاطنيين بها كالأتى : أبوقير> أبيس > العامرية . وقد خلصت الدراسة أيضا إلي أن قيم مؤشر الخطر جميعها كانت أقل من الواحد الصحيح وبالتالى فالوضع كان أمنا للجميع عدا الأطفال فكانت القيمة 1.13 عن طريق الهضم و بجمع مسارات التعرض (الهضم – الجلد – الاستنشاق ) كانت القيمة 1.15 . التوصيات أهمية إجراء دراسات مستقبلية ومفصلة عن المعادن الثقيلة المنبعثة من المناطق الصناعية ذات الأنشطة المختلفة ضرورة توجيه الاهتمام الكبير لصحة الإنسان إما بشكل مباشر أو غير مباشر لتجنب التأثير الضار للجرعات الزائدة من المعادن الثقيلة في المناطق الصناعية. زيادة الاهتمام بالنباتات الطبية وغيرها المزروعة بالمناطق الصناعية الملوثة. ضرورة وضع حدود عتبية واضحة للمعادن الثقيلة بالقانون المصري. ضرورة توسيع نطاق الدراسات لتشمل أنواع أخرى من النباتات بالقرب من المناطق الصناعية بمدينة الاسكندرية